أخبار دولية

نيوزويك: العقوبات لن تغير اهداف بوتين في الحرب مع أوكرانيا

درة - وكالات :  

يعتقد الكاتب السياسي في مجلة “نيوزويك” دانيال دوبتريس أنه حين اتخذ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قراره بغزو أوكرانيا، لم يتوقع أن يفرض الغرب عقوبات اقتصادية قوية ومنسقة وموحدة إلى هذا الحد ضد بلاده. لكنه بالمقابل يشير أيضاً إلى أن الغرب لم يستبق على الأرجح أن تصمد روسيا اقتصادياً كما فعلت لغاية اليوم.

بالاستناد إلى تصرفاته لغاية اليوم، يبدو أن الرئيس الروسي منفتح على فكرة تحمل أكلاف ركود محتمل إذا كان ذلك يعني تحقيق أهدافه العسكرية في أوكرانيا.

في الظاهر، اتخذت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إجراءات استثنائية لضمان أن تشعر روسيا بالألم بسبب غزوها أحد جيرانها. العقوبات مصممة جزئياً كي تكون آلية محاسبة ورسالة بأن الحروب العدوانية غير المبررة ستنتج تداعيات سياسية واقتصادية. لكن العقوبات صممت أيضاً لتصعيب تمويل الكرملين حملته العسكرية. في أفضل الأحوال ستقنع بوتين بإعادة تقييم استراتيجيته الحربية إلى حد سحب قواته.

قائمة طويلة من العقوبات… وستطول أكثر

أضاف دوبتريس أنه لو سئل بوتين عما إذا كان يتوقع أن تقوم واشنطن وبروكسل وطوكيو بمعاقبة البنك المركزي الروسي وتجميد قرابة نصف احتياطات روسيا من العملات الأجنبية البالغة 643 مليار دولار، لتجاهل الفكرة باعتبارها حدثاً ذا احتمال منخفض. وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف تفاجأ بالتأكيد. ربما قلل بوتين أيضاً من قدرة الاتحاد الأوروبي الذي انقسم بشأن السياسة الروسية في الماضي على حظر جميع واردات الخام الروسي بحلول نهاية السنة، ولو مع استثناء للمجر.

إن قائمة العقوبات طويلة ومن المرجح أن تطول أكثر مع استمرار الحرب. تم طرد بنوك روسية ضخمة من نظام سويفت للتراسل المالي ولم تعد وزارة الخزانة الأمريكية تسمح لروسيا باستخدام أموالها في الحسابات الأمريكية لدفع الديون. وتغادر شركات الأعمال السوق الروسية بسبب فائض من الحذر. كذلك، ترتفع أسعار السلع للمواطن الروسي العادي مع ذكر مؤشر أسعار المستهلك زيادة بنسبة 17% خلال الأشهر الاثنتي عشرة الماضية.

هكذا تتكيف معها

يتعلم الأمريكيون وحلفاؤهم أن العقوبات تستغرق وقتاً كي تنجح، هذا إذا نجحت في الأساس. سيؤثر فرض العقوبات بلا شك على القطاعات المستهدفة. لكن تلك الدول لا تقف مكتوفة الأيدي بل تتكيف وتحاول الالتفاف حول العقوبات والتخفيف من أثرها. وهذا بالضبط ما تفعله روسيا. رداً على الاضطرابات في سلاسل التوريد وقيود الصادرات الأمريكية، تحاول موسكو استبدال السلع المصنوعة في الخارج بالمنتجات المحلية. تتمتع إجرءات استبدال الواردات هذه بسجل مختلط من النجاح وستكون المنتجات أقل جودة من السلع المتوفرة عادة. لكن الإصلاحات الموضعية القصيرة المدى كهذه ستشتري لبوتين بضع سنوات للتكيف والسماح له بالحد من بعض الإحباط في الشارع.

أرقام قياسية من الأرباح

تعيد روسيا توجيه نفطها الخام من أوروبا إلى آسيا حيث ليس للشارين أي مشكلة في شراء الوقود الروسي إذا كانت الشروط جذابة. ومع تقديم روسيا تخفيضات بنحو 30 إلى 35 دولاراً للبرميل، يبقى النفط الروسي أرخص بكثير من السعر القياسي البالغ نحو 120 دولاراً. بالنسبة إلى الدول المتعطشة للطاقة مثل الهند والصين، يشكل الخام الروسي بديلاً أفضل بكثير. واشترت الهند كمية من الخام الروسي في مايو (أيار) فاقت بثمانية أضعاف الكمية التي اشترتها في فبراير (شباط).

وتقوض أسعار النفط العالمية المرتفعة ما يأمل الغرب تحقيقه عبر العقوبات. بينما قد تنخفض شحنات الخام الروسي، يعني ارتفاع أسعار النفط أن موسكو تحقق عائدت أعلى. كسبت روسيا من صادرات نفطها نحو 100 مليار دولار تقريباً خلال أول 100 يوم من الحرب في أوكرانيا. إذا ظلت أسعار النفط ثابتة وتمكنت موسكو من استدامة المعدل الحالي لصادراتها، فقد تحصل روسيا على أكثر من 300 مليار دولار هذه السنة من مبيعات الطاقة وفقاً لتقديرات معهد التمويل الدولي. يرى دوبتريس أن هذه مشكلة واضحة لواشنطن. لكن الحل ليس بالوضوح الذي يعتقده البعض.

بدائل أخرى… ما فاعليتها؟

بإمكان الولايات المتحدة فرض عقوبات ثانوية على صناعة النفط الروسية كما فعلت مع إيران مخيرة الدول بين مواصلة شراء النفط الروسي أو الاحتفاظ بإمكانية الوصول إلى النظام المالي الأمريكي. لكن خطة كهذه ستترك تداعيات ديبلوماسية بارزة وقد تقوض أولويات أخرى تأمل إدارة بايدن تحقيقها في السياسة الخارجية.

يتساءل الكاتب عما إذا كانت واشنطن على استعداد لمعاقبة الهند بسبب استيراد النفط الروسي حتى لو كان ذلك يعني تقويض علاقة استراتيجية بناها عدد من الرؤساء الأمريكيين معها منذ بداية القرن الحالي. كما تساءل عما إذا كان سحق الاقتصاد الروسي أهم لصناع السياسة الأمريكية من تنفيذ استراتيجية الإندو-باسيفيك التي تعتمد على شركاء مثل الهند لمساعدة الولايات المتحدة على التنافس مع الصين.

يعتمد وجود أو عدم وجود تأثيرات للعقوبات الأمريكية والأوروبية على رجل واحد: فلاديمير بوتين. بالاستناد إلى تصرفاته لغاية اليوم، يبدو أن الرئيس الروسي منفتح على فكرة تحمل أكلاف ركود محتمل إذا كان ذلك يعني تحقيق أهدافه العسكرية في أوكرانيا.ِ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى