المحليات

الشيخ الدكتور عبدالله بن عواد الجهني في خطية الجمعة بالمسجد الحرام :التبشير من منهج النبي صلى الله عليه وسلم

خالد العنزي _ مكة المكرمة  

أمّ المسلمين اليوم لصلاة الجمعة الرابع والعشرين من شهر ربيع الثاني الحالي 1444 هجرية
في المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور عبدالله بن عواد الجهني إمام وخطيب المسجد الحرام، واستهل فضيلته خطبته الأولى بقولِ الله سبحانه وتعالى: ﴿وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الأَرضِ وَلَقَد وَصَّينَا الَّذينَ أوتُوا الكِتابَ مِن قَبلِكُم وَإِيّاكُم أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ﴾، فاجعلوا من طاعة الله وقاية تقيكم عذابه، واجعلوا من طاعة الله -عزّ وجل-، وطاعة رسوله -صلى الله عليه وسلم- سترًا بينكم، وبين لفح جهنم.
واضاف فضيلته :
أيها المسلمون: لقـد بـُعـث رسـول الله ﷺ بـشـيـرًا لأتباعه، نذيرًا لأعدائه، بل كانت مُـهـمّة الـرسـل لا تعدو هـذيـن الـوصـفين : ﴿وَما نُرسِلُ المُرسَلينَ إِلّا مُبَشِّرينَ وَمُنذِرينَ﴾ ، وقـد أمـر الله سبحانه في كتابه بتبشير المؤمنين والصابرين والمحسنين والمخبتين، في آيات كثيرة، وكان من أساليب تبشير رسول الله ﷺ أنه يختار الوقت المناسب، والقدر المناسب لأداء الموعظة والعلم؛ كي لا ينفر الصحابة، وفي ذلك يقول عليه الصلاة والسلام لأبي موسى الأشعري ومعاذًا رضي الله عنهما حين بعثهما إلى اليمن: (يسِّرا ولا تُعسِّرا، وبشرا ولا تُنفرا، وتطاوعا ولا تختلفا)، وعلق عليه الحافظ ابن حجر -رحمه الله- بقوله: (المراد تأليف من قرُب إسلامه، وترك التشديد عليه في الابتداء، وكذلك الزجر عن المعاصي ينبغي أن يكون بتلطف ليقبل، وكذا تعليم العلم ينبغي أن يكون بالتدريج؛ لأن الشيء إذا كان في ابتدائه سهلًا حُبب إلى من يدخل فيه، وتلقّاهُ بانبساط، وكانت عاقبته غالبًا الازدياد).
وأوضح فضيلته :
بأنّ التبشير كان من منهج النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومن هديه عليه الصلاة والسلام أنه كان يثني على من ظهر منه ما يستحق الثناء ويبشره بالخير والرفعة؛ فيكون ذلك دافعًا له ولغيره إلى طاعة الله تعالى، لذا لزم على المسلم الحرص على التبشير بالخير دائما والتهنئة به، فقد صح عن النبي -ﷺ- أنه قال لأبي هريرة -رضي الله عنه- (اذهب بنعلي هاتين، فمن لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله ، مستيقنًا بها قلبه، فبشره بالجنة).
وأكد فضيلته :
ومن الأمور المهمة التي تحرص التربية الإسلامية على غرسها في نفوس المتربين التربية على التبشير بالخير والتهنئة لما تتركه من أثر طيب، ومن تحفيز على العمل، والاجتهاد في الطاعة، ومن ذلك استعماله -ﷺ- أساليب التبشير في إيقاظ الهمم والتنشيط للطـاعـة، قال -عليه الصلاة والسلام- (بـشـر المشـّائين في الظلم إلى المساجد بالنور الـتـام يـوم الـقـيـامـة)، وصلّى -عليه الصلاة والسلام- الـعـشـاء مـرة بأصـحـابه -رضوان الله عليهم-، وقبل أن ينصرفوا قال لـهـم: (على رسلكم أبشروا، إن من نعمة الله عليكم أنه ليس أحـد من الناس يـصـلـي هـذه الـسـاعـة غـيـركـم) قال أبو موسى الأشـعـري رضي الله عنه “فـرجـعـنـا فـفـرحـنـا بما سمعنا من رسـول الله -صلى الله عليه وسلم-“.
بعد ذلك بيّن فضيلة الدكتور الجهني:
بأنّ المؤمـن مـحـتـاج في حـال الـبـلاء إلى مـن يـكـشـف هـمه، ويـبـشـره بما يـسـُره، إما بفـرج عـاجـل، أو بـأجـر آجـل ، ولـقـد وجـد رسول الله ﷺ أم الـعـلاء -رضي الله عنها- مـريـضـة فـقـال لها: أبشـري يا أم العـلاء، فـإن مـرض المسـلم يذهب خطاياه، كـمـا تُذهب النار خبث الحديد).
وأكد فضيلته :
عباد الله: المؤمن بشيرٌ في مواقف الأسى يسري عن الناس أحزانهم، بما يدخل البهجة إلى قلوبهم، ويبعد الكآبة عنهم، كتب زيد بن أرقم إلى أنس بن مالك زمن الحرة يعزيه فيمن قتل من ولده وقومه، فقال: “أبشرك ببشرى من الله عز وجل سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (اللهم اغفر للأنصار، ولأبناء الأنصار، ولأبناء أبناء الأنصار).
أيها المسلمون: وعد الله الذين آمنوا وكانوا يـتـقـون بأن ﴿لَهُمُ البُشرى فِي الحَياةِ الدُّنيا وَفِي الآخِرَةِ لا تَبديلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ ذلِكَ هُوَ الفَوزُ العَظيمُ﴾، ومـن الـبـشـرى العاجلة في الحياة الدنيا: أن يلقى المسلم قبولاً حسناً من إخوانه، وأن تشكره على إحسانه، فذلك من التبشير، وقد روى الإمام مسلم -رحمه الله- في صحيحه في باب (إذا أثني على الصالح فهي بشرى ولا تضره ) حديثاً جاء فيه: (قيل لرسول الله ﷺ أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير ويحمده الناس عليه؟ قال: تلك عاجل بشرى المؤمن، ومبنى هذا الخُلق وأساسه أن يكون المسلم مصدرا للفأل الحسن، والأمل الواسع، والعاقبة الخيرة، وألا يرى أخوه من…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى