الهجاء

بقلم / حمود الصهيبي  

الهجاء فن من فنون الشعر وغرض من أغراضه, شأنه في ذلك شأن بقية أنواع الشعر المختلفة مثل الغزل والمديح والرثاء, وغيره
وله صوره وإبداعاته ومناسباته وإذا سخر لخدمة هدف نبيل أصبح غرضه محمودًا مرغوب به ولكن إذا وضع في غير موضعه من تجريح وانتقام وسخرية لا يمكن أن نقول عنه إلا أنه شعرٌ مذموم وغير مرغوب.
الشعرُ أدب وخلق, وكان الشعراء ـ واقصد في الهجاء ـ لا يتجاوزون الخطوط الحمراء ولا يسيئون الأدب مع الخصم ولا ينقصون
الكريم كرمه ولا الشجاع شجاعته ولا يتطرقون إلى استخدام الألفاظ النابية أو كشف سترهم أو ذمهم والقذف بما ليس فيهم وقد مر علينا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم الكثير من صور الهجاء المحمود، ولعل ومن الشواهد ما قاله حسان بن ثابت (شاعر الرسول) في هجاء قبيلة كانت تفتخر بطول قامات رجالها وضخامة أجسامهم حيث كانوا يهددون الإسلام بقوتهم, فأنشد:
لا بأس بالقوم من طولٍ ومن عظمٍ
جسم البغال وأحلام العصافيري
وكذلك ما قاله أحد الشعراء في ذم بعض القبائل التي كانت تسخر من اسم قبيلة يقال لها (انف الناقة), فرد عليهم:
قومٌ همُ الأنف والأذناب غيرهمُ
فهل تسوي بأنف الناقة الذنبُ
وكذلك ما قاله الشافعي عندما شتمه رجل في الطريق ولم يجبه!
ولما طال الأمر وحكى الناس عن صمت الشافعي, أنشد:
قالوا سكت وقد خوصمت قلت لهم
إن الجواب لباب الشر مفتاحُ

الصمت عن جاهلٍ أو أحمق شرف
وفيه أيضا لصون العرض إصلاحُ

أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة
والكلب يخسى لعمري وهو نباحُ

ومن هذه الصور يتضح لنا أن الهجاء فن لا بد من مراعاة هدفه وفائدته المنشودة والبعيدة عن الإسفاف والقذف والتجريح, حيث أن الشعر بجميع أغراضه أعذبه أصدقه!!
الهجاء المذموم سهل المنال وأبواب الشر مفتوحة على مصراعيها
والقائمين على الصحف منهم من لا يفقه بالشعر سوى اسمه ومنهم من يعتكف يهتم بالإيقاع بين بعضهم البعض ويسارع في نشرها وإعطاها هالة إعلامية فارغة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى