قبل أن تفقد باب الجنة

بقلم / مها العزيز  

قبل أيام قلائل فجعت بوفاة والدي رحمه الله بمرض فاجأه ولم يمهله طويلا وكان خبر وفاته صدمة قوية لنا جميعاً ، فمهما كبرت تكون لوالديك كطفل صغير تستشعر الأمان والقوة فقط لأنهما معك و بقربك ، وتتدارك كبر سنك فجأة عند وفاتهما لتعلم وقتها بأنك قد كبرت فجأة وأصبحت وحيدا بفقدانك سقف الأمان وسند الحياة
الوالدين نعمة أنعمها الله على الأبناء وهما بابان للجنة ولا يتحسر الا من فقد إحدى هذين البابين أو كلاهما ، وخاصة من عاش بعيداً وأشغلته الحياة عنهما .
قصة حياتنا معهم تبدأ منذ الولادة ، نولد فيستقبلونا بدفء أحضانهم ونكون سبباً في ابتسامة مبسهم ونكبر في ظل رعايتهم وحمايتهم بعد الله وتبدأ رحلتهم معنا منذ ذلك الوقت تتزايد الأعباء عليهم وتثقل وهم في سعادتهم يتسارعون لإسعادنا حتى لو كان نصيبهم من حظوظ الدنيا قليلاً ولكنهم يتسارعون من أجل ان نحصل نحن على قدر أكبر من حظوظ السعادة ، وفي مسيرة الحياة تلك ، لا نعلم عن حجم تضحياتهم وقد نعتبرها بجهلنا حقاً واجباً عليهم لعملها بدون ان نعترف بجميلهم ونحاول ردها بالشكر والعرفان أو حتى بكلمة الشكر ( استثني من ذلك كل من حافظ على نعمة وجود والديه بحياته ) .
وتمر الأيام ونكبر ويكبروا معنا ، يشتد عودنا وتضعف حالتهم نبني بيوتنا ونستقل وهم لا زالوا بذلك المنزل الذي لمنا جميعاً في يوم ما .
تتكالب علينا مسؤولياتنا والتزاماتنا نركض في دروب الحياة ومساراتها نلحق بركب الأماني والطموحات نتسابق مع الزمن ولا نرى خلفنا الا غبار الذكريات ومن بينها وجوه تتلاشى كلما تقدمنا وما تلك الوجوة الا والدينا اللذان لم يملوا من الدعاء لنا ولم يملوا من الانتظار بأن نشاركهم الوقت كما كنا .
وفي خضم معارك الحياة وانتصاراتها نخسر خسارات ثمينة من بينها قضاء أوقاتنا مع والدينا فجمعاتنا معهم أصبحت متباعدة ولدينا كل الأعذار متواجدة ، اختبارات ، اعمال ، سفريات ، لا نمل من تقديم الأعذار والوعد ان نلقاهم قريباً الى ان يأتي يوم ونفجع بموت أحدهم حينها لاتنفع مواساة النفس ولا لومها ولا التأنيب في التأخير فقد فقدنا احد ابواب الجنة .
همسة للأبناء:
انتبه ان تشغلك دروب الحياة ومشاغلها عن قضاء اوقاتك مع من هم أحق بصحبتك وهم سبب البركة والنجاحات في حياتك فقد لا تنطق ألسنتهم ولكن قلوبهم متعبة لفراقك يحتاجوا للمسة حنانك وحبك وينتظروا ان ترجع ترتمي الى احضانهم كما كنت تفعل دوماً فهكذا هم يرونك بأعينهم طفلهم الذي لن يكبر أبداً ماداموا أحياء.
تذكر ذلك قبل أن تفقد باب الجنة.

تعليق واحد

  1. مشاعر وآحاسيس لاتصف حجم الآلم والفقدان ولو يدرك الإنسان مدى الم ذلك الشعور لقضا عمره خادماً تحت قدم الوالدين .. رحم الله أمًا أنجبت ثمره صالحه وأباً كان سنداً وآماناً بعد الله … وجبرالله قلوب لا يعلم المها الا الله والجنه موعدنا بإذن الله ??

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى